شرح قصيدة منازل اهلي كاملة

إجابة معتمدة

شرح قصيدة منازل اهلي كاملة  ابغى منكم كتاب شرح القصيدة الكامل من يعرف شرح القصيدة فل يكتب الي القصيدة كاملة مع الشرح الرجاء منكم كتابة الشرح النموذجي في هذه القصيدة كي اتمكن من معرفتها واريد منكم كتابة معاني القصيدة وشكراً لكم .

الى السائل عن شرح قصيدة منازل اهلي للشاعر حبيب الزيودي انشر لك الشرح الكامل الخاص بالسؤال وهو كالتالي :
تابع معي شرح القصيدة:

قصيدة منازل أهلي لشاعر حبيب الزيودي :

كلَّما دندن العود رجّعني لمنازل أهلي
ورجّع سرباً من الذكريات
تحوّمُ مثل الحساسين حولي أبي في المضافةِ..
والقهوةُ البكر مع طلعة الفجر عابقةٌ بالمحبة
ِوصوت أبي الرحب يملأ قلبي طمأنينة ًوهو يضرع لله حين يصلّي
كلما دندن العود رجّعني لمنازل أهلي
وردّ الممر العتيق إلى بيتنا والسياجْ ورائحة الخبز مبتلَّة بحليب النعاجْ
ونافذة هي كل الطفولةياما تمرجحت فيها أنا وأخي كالشياطين
ياما كسرنا الزجاجْ ونفرح، حين يكون أبي عند بوابة الدارمنشغلاً عن شقاوتنا،

راوح حبيب الزيودي في قصيدته "منازل أهلي" بين نمطي التفعيلة والشكل التقليدي ، كما أنّه ينقل إحساسه بفقد الأب إلى مفردات الطبيعة المحيطة: ممرّ البيت ، وعشب الممرّ ، والنافذة:

الممرّ العتيق يحنّ لوقع خطاك

وقد جفّ بعدكَ عشب الممرّ

ونافذة كلّما جئتُ أسألها عنكَ

ألفيتها لا تجيب

وتجهش قلبي

ثم يعاتب الموت الذي غيّب أباه ، سيفه الحامي من الشرور والمصائب ، ورداءه الذي يغطّيه ويدفئه ، بل إنّه المنزل والخبز والماء ، إذن فهو كلّ ما في الحياة من مفردات أساسية ، وبأخذه من الحياة يتحوّل الابن إلى العراء ، إلى الهجير بلا سند ولا حماية:

أما كنتَ تعرف أنّ أبي كان سيفي

وكان ردائي

وظلّ أبي كان بيتي الفسيح

وخبزي

ومائي

فكيف أخذت أبي أيها الموت

كيفَ

وخلّفتني في الهجير.

لكن يبدو أنّ الشاعر استطاع الاستمرار في الحياة دون هذا السند وهذه الحماية ، وهذا ما يؤكّده استخدام الفعل الماضي: فالأب "كان سيفي" ، و"كان ردائي" ، و"كان بيتي الفسيح وخبزي ومائي".

بعد ذلك يتحوّل الزيودي إلى نمط البيت الشعري فتتحوّل المعاني مع هذا التحوّل الشكلي إلى معاني القدماء:

أقول أبي فيسعفني حنينـــي لوجه أبـــي ويخذلني الكلامُ

فيـــا ذاك التراب غشاك ظلّّ مدى الدنيا وروّاك الغمـــام

أبي الماء الفرات سقى الروابـي وإن طُلًب الحسام هو الحسـام

أشفّ من اليمــام إذا تغنّــى وحنّ إلى مرابعه اليمــــامُ

ولم ترقد على ســــود الليالي له عينّ إذا مــا الناس ناموا المقطع  الثاني من الشرح :

فهو يدعو لقبره بالظلّ والسقيا ، ويمدحه بالكرم والشجاعة وإغاثة الملهوف في سود الليالي ، فيجعلنا نعتقد أنّنا أمام شاعر يعيش في صحراء الأمويين أو حتى الجاهليين ، وهذا يأتي بعد أن يصرّح أنّ الكلام يخذله إذا ما أراد الحديث عن مناقب أبيه ، لكنّه على كلّ حال ينهي قصيدته بمعاهدة أبيه أن يبقى ماضيا على طريقه النبيل:

وأحلف باسمك

بروحي التي حملت طهر وشمك

بأن لا أخون ترابك

وأبقى مدى العمر أنفخ في الجمر تحت الرماد

فكأنّما يتصالح مع فكرة موت الأب ، مؤكّدا أنّ في تحقيقه لأحلام أبيه إحياء واستمرارا لهذا الأب.

لكنّ الأب يبرز جزءا من صورة الماضي الجميل في القرية المفتقدة ، حيث الطمأنينة وراحة البال ، وهذا البروز يتجلّى منذ الأسطر الأولى في القصيدة:

كلّما دندن العود رجّعني لمنازل أهلي

ورجّع سربا من الذكريات

تحوّم مثل الحساسين حولي

أبي في المضافة

والقهوة البكر مع طلعة الفجر عابقة بالمحبّةً

وهي على طرف النار تغلي

وصوت أبي الرحب يملأ قلبي طمأنينة

وهو يضرع لله حين يصلّي.

فصورة الأب في المضافة يقدّم قهوته الصافية المنفتحة على الزائرين بمحبّة ، وصورته يضرع إلى الله في صلاته فيملأ قلب الابن بالطمأنينة هما أهمّ صورتين تتوهّجان في ذهن الشاعر كلّما استمع لدندنة العود ، للموسيقى الشرقية الصافية. وتشكّل هذه الاستعادة لذكريات مفتقدة أهميّة على المستوى النفسي والعقلي للشاعر: فهي من أهمّ المؤثّرات التي ساهمت في بناء شخصيّته ، لذلك يقدّمها بحبّ وودّ ، فيشبّهها بسرب من الحساسين التي تحوّم حوله ، ويستدعيها شعوره بالنشوة والراحة إذ يستمع إلى الموسيقى التي تعجبه وتؤثّر فيه ، كما يستدعي هذا الشعور صورا أخرى مفتقدة:

كلّما دندن العود رجّعني لمنازل أهلي

وردّ الممرّ العتيق إلى بيتنا والسياج

...

ونافذة هي كلّ الطفولة

يا ما تمرجحت فيها أنا وأخي

...

ونفرح ، حين يكون أبي عند بوابة الدار

منشغلا عن شقاوتنا ،

ويرحّب بالجار في غبطة ويهلّي

يبرز الأب في أبهى صوره عبر هذه الاستعادة: فهو في المضافة يتهيّأ لاستقبال الضيوف ، أو يصلّي ضارعا إلى الله بالدعاء فيملأ البيت طمأنينة وأمانا ، أو عند بوابة الدار يرحّب بالجار مسرورا باستقباله. ويتقاطع مع هذه الحالات المثالية للأب -حسب الرؤية العربية البدوية - شقاوة الشاعر طفلا ، وجمال غفلته عن عقد الحياة وتعقيداتها. وهو يؤكّد على جمال صورة القرية المفتقدة ، وإحساسه بخسارتها الفادحة:

هكذا يا أبي كلّ شيء تلاشى

ولم يبق من فرح العمر إلا الصور.

ثمّ يؤكّد على صورة الأب المثالية ، وهذه المرّة من حيث القوة والفعاليّة في المجتمع البدوي:

كلّما دندن العود رجّعني لمنازل أهلي

كلّما دندن العود أيقظ فيّ تعاليلهم بعد طول رقود

وذرذرها في ضميري

وعاد أبي وهو يفرش قريتنا هيبةً

وإخوته من حواليه سرب صقور

وجوه إذا عتّم العمر طلّوا المقطع الثالث من الشرح كالتالي :

على عتمة العمر مثل البدور

فموسيقى العود المؤثّرة ما زالت تنقل الشاعر إلى القرية المفتقدة ، إلى (تعاليل) المضافة الحبلى بالدهشة والقصص الحماسية والشعر الشعبي ، وإلى بروز الأب مهيبا في عائلة متوحّدة قوية. ويُظهر قوة تأثير هذه الصور في نفس الشاعر أنّه يعدّها ساطعة مضيئة مقارنة بالحاضر المعتم. ثمّ يؤكّد على إحساسه بافتقادها ، والحنين إليها ، كأنّما يهرب إلى جمالياتها الأليفة من خواء الحاضر وخلوّه من الألفة والحب والصفاء:

منازلهم

عند سفح الكلام مشرّعة للندى والضيوف

وقوفا بها يا خليليّ إنّي

توجّدتها فأطيلا الوقوف

وقد عمروا بالمحبة جدرانها

وأضاؤوا مداخلها العاليات وعلّوا السقوف

...

ورفرف بين الضلوع على البعد هذا الشقيّ الألوف

خيالات أحبابه الراحلين

تطالعه دانيات القطوف

بنيت لهم كعبة للحنين

فإن أتعبتني خطاي تركت بها القلب بعدي يطوف

ويبدو الشاعر أكثر تأثّرا في تعبيره عن افتقاد القرية -التي يبرز فيها الأب ساطعا قويّا - من تعبيره عن الإحساس بفقد الأب مجرّدا منها ، فهو يسخّر جماليات القصيدة التقليدية القديمة عبر أبهى ما فيها ، المقدمة الطلليّة ، للتعبير عن إحساسه بفقد المكان الأليف الصافي ، والحنين إلى الماضي الجميل الخالي من تعقيدات الحاضر وسوءاته ، ذلك الماضي الذي يمثّل قوة العائلة وهيبتها مقابل حاضر الخسارات والانهيارات والخيبات.

وإذا كان الزيودي يعبّر عن إحساسه بفقد الأب عبر صور تقليديّة باهتة فإنّه يقدّم صورة القرية المفتقدة بشكل أكثر إشراقا ، عامر بالأحاسيس المتّقدة. ولعلّه وفّق إلى الاستفادة من معالجة الشاعر القديم لقضيّة الطلل دون أن تظهر مجاجة التقليد والنسخ في هذا الجزء من قصيدته ، بل أظهر قدرة على إعادة البناء ، وإغناء نصّه بهذه الجماليات التي جاءت منسجمة معه ، وجزءا لا يتجزّأ من صيرورته الفنيّة.

ويظهر الأب في إطار صورة القرية المفتقدة في نصّ آخر للزيودي بعنوان "فراشة عمري المحروق" ، لكن بشكل أقلّ توهّجا: فهو جانب بسيط من مشهد واسع ممتدّ غنيّ بالتفاصيل وجماليات المكان:

هنا صلّى أبي

وهناك عانقت الهوى

ووقفت ساعات على الشباك

وهذي الأرض قد أحببتها

أواه لو تدرين كم زيتونة أحببتُ

كم بلوطة عانقت

لو تدرين

كم غنيت في ساحاتها
كم جعتُ...

يمكن القول إنّ تعبير الزيودي عن افتقاد حياة القرية ناتج عن عدم الانسجام في عالم المدينة ، والحنين الدائم إلى حياة تتقاطع فيها قيم البداوة مع استقرار الفلاحة ، فتنسجم الهمّة البدويّة مع طرقات القرية الخضراء المكلّلة بالزيتون والبلوط.