حكاية مغترب فقد محفظة نقوده وجواز سفره بعدما حزم امتعته للعودة الى بلده

إجابة معتمدة
حكاية مغترب فقد محفظة نقوده وجواز سفره بعدما حزم امتعته للعودة الى بلده، ما هي قصة مغترب عاد الى وطنهن واريد منكم خاطرة مكتوبة عن مغترب عن وطنه، ما هي قصة الغربة كاملة، حنين المغترب الى وطنه هناك رواية مشابهة لهذه الحكاية وانشرها لك كاملة عزيزي هنا وهي كالتالي :

حكاية مغترب فقد محفظة نقوده وجواز سفره بعدما حزم امتعته للعودة الى بلده، ما هي قصة مغترب عاد الى وطنهن واريد منكم خاطرة مكتوبة عن مغترب عن وطنه، ما هي قصة الغربة كاملة، حنين المغترب الى وطنه

البداية :

تبدأ قصتي بعد تخرجي من الدراسة الجامعية بثلاث سنوات حيث كنت قبلها قد أنهيت دراستي في المعهد وقد التحقت بالعمل الوظيفي بعده مباشرة , عن طريق قريب لي في محاولة مني ومن عائلتي من تأجيل الالتحاق بالخدمة العسكرية الالزامية , وخوض تلك الحرب الدائرة بين بلدي والبلد الجار الذي يقع في الشرق منه ,
ولكن كان الأمر ليس بمثل ما نتمناه ان يكون , فمع استمرار التفكير للخلاص من هذا البلاء , الذي ابتلى به كل شباب ورجال ونساء بلدي , فقد وجدت أن إكمال دراستي في الجامعة هو المنفذ الوحيد للتخلص من هذه الورطة التي لا ناقة لنا فيها ولا جمل ,
ولكن ذلك غير ممكن فحكومة بلدي قد أغلقت كل الدراسات المسائية , مما تحرك الاهل مرة اخرى لصالحي حيث نقلت الى وظيفة مسائية في احدى المكتبات العامة ليتسنى لي اكمال دراستي الصباحية التي انهيتها في الرواق الجامعي لاربع سنوات وانا احمل هوية طالب مما يجعلني في مأمن من الخدمة المفروضة علي ,
 لكن هذا لم يمنعني من المشاركة ثلاث مرات تحت غطاء المليشيات الشعبية ضمن منطقتي ولكنها كانت خفيفة الاداء وقصيرة الامد ,
بيد اني وفي احدى المرات وحيث كنت في الجنوب طلب منا قائد المجموعة التي انا فيها ايصال ذخيرة ومؤونه الى الخطوط الامامية من القتال , وما ان وصلنا للموقع المطلوب صباح ذلك اليوم الذي اراه وحتى كتابة هذه السطور هواليوم الاسوء في حياتي , فقد داهمونا الخصوم بهجوم معاكس من الجهة المقابلة واصبح كل منا تحت اي غطاء او ساتر , وهو يروم ان ينجو من الجحيم الذي بات ينهال علينا من كل صوب ,
وكنت انا ومن معي حيث لم نمتلك اي استراتيجيات بالتحرك كالاختباء اوالمقاومة او المناورة , فنحن كنا مجرد مجاميع خدميه يراد بها دعم القوات المقاتله في الخطوط الامامية
لااعرف كيف فكرت ان ارمي بنفسي في خندق يشكل الحرف ال باللغة الانكليزية , حيث استقريت فيه استقرارآ تاما منتظرآ اما جلاء الموقف او الوقوع بالاسر , ولكن افكارآ
اخرى قد راودتني واخذت اتسءل مع نفسي  ,
 ماذا لو ان دبابة او الية ثقيلة سحقت سطح الخندق وانهار فوقي ؟
ماذا لو احدآ رمى ( رمانة يدوية ) في الخندق ومزقتني اربآ اربا ؟
ماذا لو سقطت اسيرآ في يد المهاجمين ؟
ثم سئلت نفسي عكس ذلك ,  ماذا لو اعتبرني آمر القاطع  قد جبنت وساقني للاعدام كما هو متعارف عليه  في المواقع القتالية الامامية ؟
افكار كثيرة راودتني وانا لا املك لها اي جواب , وصوت الرصاص وانفجارات القنابل , تصم اذني وانا ارتجف خوفآ ورهبه ..... !!!
وما هي الا ساعة من الزمن حتى سمعت صراخ واوامر الجنود المهاجمه فوق راسي , ومن شدة خوفي وتشبثي بالحياة لملمت نفسي وقطعت انفاسي وارتجف , ولا اعرف ما افعله !
ومرت بعض الاليات من جانبي الخندق وبجواره وكل صوت او حركه يزيدني رعبآ وخوفآ , وازداد التصاقي بالحياة ودعاء وصلاة لله
  ساعتين او اكثر قد مضت ... حتى عادت الاصوات والقذائف من جديد واصبحت كالمطر تتساقط هنا وهناك وازيز الطائرات المغيرة بات يصم الاذان ويزيد الموقف رعبآ , ثم جاءت هرولة الجنود وصراخهم بلغتهم التي لا افقهها وهي تتعالى من هنا وهناك , وقد خمنت مع نفسي , ان المهاجمون قد تم صدهم وبقوة من قبل قوات بلدي برا وجوا واخذوا يتقهقرون من حيث اتوا ,
وقد انتابتني الحيرة والهواجس والتسلؤلات مرة اخرى ,
هل اخرج لهم آم انتظر ؟
كيف سيعرفون انني منهم ؟
ربما ستسبق اطلاقات بنادقهم حينما يروني قبل ان اعرفهم بنفسي ... !
 ربما سيعتبروني متخاذلا... !
وربما سيسألوني .... لماذا لم ياخذوك اسيرآ ؟.... وكيف تركت حيآ ؟.
.....ربما سيحيلوني لمحكمة العسكرية ... !؟
وهل سيصدقون اقوالي  ... اذا قلت لهم الحقيقة ؟
افكار كثيرة تنتابني وان وسط  حياة او موت بين لحظة وضحاها , وقد خطرت ببالي فكرة , لااعرف كيف اهتديت اليها , حيث قلت مع نفسي اذا شاهدت شيء من هذه الاحتمالات , سابادرهم وعلى الفور دون ان انتظر سؤالهم عني موضحا لهم , انني من قوات المليشيات الشعبية وغير مسلح,
وهي حقيقية حيث تم ارسالنا مع الاخرين بدون سلاح وانما بحماية افراد من الجيش لايصال المؤنة والذخيرة من المعسكر الخلفي الى المعسكر الامامي , والحالة هذه لايمكنني القتال وانا اعزل مما اضطررت للاختباء ... ,
ثم سئلت نفسي وهل سيكون لهم الوقت الكافي لسماعي قبل ان يضغط احدهم باصبعه على الزناد ؟ وتشبثت برحمة الله ....
 لم يطول تفكيري كثيرا واذا بجندي يقفز في الخندق وهو يدعو زميله للقفز معه في الخندق , وما ان نزل اولهم والثاني يهم بالنزول حتى صرخت بهم :
( اهلا اخوتي .... حياكم الله ) ,
فالتفت احدهم لي بذعر وقال : ( من انت ....؟ )
فقلت له وبكل ثقة : ( مليشيا شعبية  .... غير مسلح ... انا ........)
فقاطعني قائلا : ( ابقى كما انت )
وبقيت ممدا كما انا وحمدت الله وشكرته لانجلاء اول هم , بينما راح هو وزميله يرميان وبغزارة , ثم سألني :
- (أتعرف تملأ مخازن البنادق ؟ ) اقتصارها فقلت له : ( دعني أجرب .... )
فالتفت الى زميله وقال له : - ( علمه )
وفعلا علمني الجندي الاخر كيف املئ المخازن لمرة واحدة وعاد الى عمله , واخذت امدهم بتلك المخازن بعد تعبئتها , وبعد اكثر من ساعة من القتال المستمر خرج الجنديين
من الخندق وتبعتهم انا بحذر شديد , ولكن لم اغادر الخندق . وقد ذهلت مما رايت ....!!! تلك الجثث والقتلى والمصابين والاليات المحروقة وغيرها من اثار الدمار البشري والمادي ,
بعد بضع ساعات , سمح لنا بمغادرة الموقع الامامي عائدين الى موقعنا الخلفي البعيد حيث وصلناه وقد اسدل الليل علينا خيمته الحالكه بعد ان كتب الله لنا في هذا اليوم عمرآ جديدآ ........................  .
بعد ان وضعت الحرب اوزارها , وتنفس الناس الصعداء , وبدأت المآسي تتجمع لدى الكثير منهم , للسؤال عن ذويهم واصدقائهم ومعارفهم , وبعد روايات الحرب المؤلمة , وعودة البعض منهم بلا ضمانات او مصادر للرزق , مما حدى بحكومة بلدي ان تخفف الوطأ عنهم وعليها , وذلك باعلانها فتح السفر وتسريح الجنود وتقاعد الموظفين دون الخمس والعشرين عاما , وتصديق شهادات التخرج وغيرها , حيث كانت للبعض منفسآ للتغيير بعد ان كانت كل هذه الاجراءات ممنوعة وتعاقب عليها تلك القوانين المشددة التي صدرت في وقتها , حتى تصل اشد العقوبات بالاعدام العلني ,
سافر العديد من الناس وبمختلف شهاداتهم وخبراتهم وبمختلف قومياتهم واديانهم , وباتت عملية الحصول على تأشيرة سفر من الحكومة او من احدى السفارات تجارة رائجة وصلت بعضها بارقام مالية لاتصدق ....!!!
لااعرف السبب الذي دعى والدتي الى الالحاح والاصرار على سفري , وكل ما عرفته منها انها تخشى عودة الحرب مجددآ مع الدولة الجارة ذاتها , وقد ضقت ذرعا من الحاحها وتوسلاتها وتوسطها لكل قريب او صديق , وقد قاومت هذه الرغبة عندها لاكثر من عام تقريبآ , حيث سبقني الكثير من الاصدقاء الى السفر وقد حالف البعض منهم الحظ فاستقر في بعض الدول واخذ يراسلنا ويشرح لنا عن وضعه الجديد ,
كانت الوالدة تلتقط كل خبر مفرح وموقف او حالة جيدة عنهم , ليصبح مثارآ للنقاش والحجة وكان ذلك مساء كل يوم تقريبآ , ومع اشتداد الوضع الامني سوءآ بسبب البطالة وضيق العيش في الداخل , ومع الحاح اخي واخواتي المتزوجات وازواجهن , اللذين كانوا ينظرون لي انني متفرغ وخالي المسؤولية , وجميعهم يتمنون ظروفي هذه وانا في اوج عمر الشباب والظروف مواتية لي تمامآ ,
 قررت فعلا السفر , دون ان اقدم استقالتي من الوظيفة  , حيث جاء القرار بعد ان وضعت العائلة يدها على الجرح النازف عندي , اذ كانت حجتهم علي , هو مدى اهتمامي لاكمال دراستي واعلان رغبتي الدائمة وفي كل مناسبة ,
 وحين اتيحت الفرصة لي انسحبت منها, وهذا ما اثار حفيظتي باعلان قرار السفر بعد اكثر من عام من قرارات الرفض من قبلي ,
 هيأت اوراقي كاملة من تجديد لجواز سفري , الى اوراق تخرجي وترجمتها والمصادقة عليها , الى جمع عناوين الاصدقاء اللذين سبقوني ,
لعل من غريب المصادفات ان نشاهد فرحة ام بغياب ولدها لا في بقاءه قربها...!!! ,    وقد تعهدت لي بمدي بما احتاج من اموال طيلة بقائي في الغربة ,
كان هذا بدوافع من الحرص والخوف من المجهول , في الوقت الذي شدد بعض ازواج اخواتي على ضرورة البقاء والاستقرار في الغربة وسحبهم معي ان اتاحت الفرصة لي بذلك , فهم يرونني الاسعد حظآ لكوني غير مرتبط بعائلة او مكلف بمعيشة احد , وان الوضع المادي لاسرتي قادر على مدي بما احتاج من خلال ورثة ابي لنا , انا وأخي واخواتي المتزوجات .
..... طوت بي الحافلة الطريق الصحراوي بين عاصمة بلدي والحدود مع احدى الدول الشقيقة المجاورة وانا احمل معي معظم ملابسي الصيفية والشتوية , مع دفتر فيه عشرات لا بل مئات العناوين في اكثر من بلد , مع اكتناز راسي بالاف التعليمات والوصايا , ....وصلت وفي رحلة شاقة الى عاصمة ذلك البلد بعد عناء شديد في نقطة الحدود وبدلا من ان نصلها في نفس يوم السفر فقد رقدنا ليلا في ذلك العراء فوصلناها مساء اليوم التالي .......... . لم تكن هذه السفرة الاولى لي في حياتي ولكن الفرق فيها حيث كنت صبيآ في السفرات السابقة بمعية اهلي وكل ما كان يهمني فيها هو اللهو ودخول دور السينما والحدائق العامة ومصاحبة الاسرة اين ما ارتحلت , اما في هذه المرة فقد اختلفت الامور كثيرة , فها انا شاب بعمر السابعة والعشرين , جامعي وموظف دولة ومؤهلآ للاستقرار والاستقلال  ,
بعد ان وصلنا مركز العاصمة حملت حقائبي الى فندق الذي ارشدوني عليه في بلدي , وهو فندق متواضع بعض الشيء ولكنه نظيف وصغير , وقد استأجرت غرفة مزدوجه مع شخص من ابناء بلدي يرى ان في السفر كنوز مخبئه يستطيع كل مغترب اغتنامها بكف اليد وبيسر وببساطة , وهو كغيره يعيشون بتلك الاحلام الوردية , ويمتلك اماني وامنيات لو فعلا انها ستتحقق لكل مغترب او مغتربه لما بقي احد في البلاد سوى الاطفال والعجائز والكهول ... اذ لم يرحلوا هم ايضآ ....... !!!
في صباح اليوم التالي قصدت عنوان صديق لي كان طالبآ معي في الدراسة المتوسطة والثانوية وافترقنا بالجامعة لنلتقي ثانية في الخدمة العسكرية وبعد تسريحه عادت لقاءاتنا تتكرر وكنت على علاقة وطيدة بافراد عائلته ,
كان صديقي ( يوسف ) وهذا هو اسمه , مسيحي الديانة , ولم يكن لدينا في هذا الاختلاف الديني اي عائق في اقامة مثل تلك الصداقات والعلاقات العائلية , فكم مرة كنت قد حضرت افراحهم واتراحهم ومناسباتهم الدينية , وكم هو الاخر شاركني في افراحنا واتراحنا ومناسباتنا الدينية ,
كانت رابطة المواطنة لدى كل منا اقوى من اي رابطة اخرى.... ,
حين وصلت مقر عمله ,علمت انه قد غادر العمل قبل ثلاثة ايام وانتقل الى عمل اخر , فوصلت اليه بعد ان حصلت على عنوانه الجديد , وقد فرح بي فرحآ شديدآ , واحتضنني ذلك اليوم بكامله , واخذ يسرد علي طبيعة المجتمع في هذا البلد , ومن جملة ما ورده لي قال , ان السكان الاصليون لاهل هذا البلد من البدو ومعظهم اصلاء وطيبون , اما النصف الاخر وهم الغلبة فهم بالاصل من اللاجئين من دولة عربية اخرى .......... ويسيطرون على الاشغال العامة وهؤلاء ومع الاسف لا يؤتمن جانبهم وخصوصا مع ابناء جلدتنا , بالرغم من انهم في بلدنا كانوا مدللين ومتميزين ولهم الافضليه حتى علينا..!  
......مرت الايام وكان ذلك التشخيص صحيحا , فكم من ابناء بلدي تحديدا وبسبب الظروف المعيشية والحرب التي حطت رحاها مؤخرآ وانخفاض الدخل القومي وجور النظام وتفشي المحسوبية والمنسوبيه , كلها عوامل قد اضعفت ابناء بلدي امامهم فاصبح كل واحد منهم يرى ان العدو من امامه والبحر من خلفة , وما كان على ابناء بلدي الا ان يقعوا بين المطرقة والسندان وكانت هذه مشيئتنا من الله ....على الاقل في تلك المرحلة..!!
مضت علي ثلاثة اشهر وانا لم اعثر على العمل الذي يناسبني , وكل الاعمال التي حصلت عليها كانت معظمها خدمية لم أألفها سابقآ , لذا اعتراني الضجر والملل , بينما كان يوسف يخفف علي ويتوعدني بالصبر والتريث حتى تحين الفرصة التي ارومها , وقد اعلمته يومآ ان الوظيفة وحدها لو حصلت عليها فهي غير كافية , فالبلد اساسآ لااروم البقاء فيه , حيث باتت سمعة ابناء بلدي المهاجرين تتدنى يوما بعد يوم , وقد فضلت العودة من البقاء على ما انا عليه , ولكن الاهل كانوا يعارضون ذلك ويوسف يحاول جاهدآ ان يثنيني عن موقفي , وكان تحججه علي بضرورة البقاء لحضور زواجه من احدى قريباته المقيمة مع اهلها هنا , وهذا ماحدث فعلا , وقد كنت وخلال فترة وجودي كل يوم اطرق ابواب السفارات العربية او الاوربية واي سفارة اخرى من اجل الحصول على تاشيرة سفر او اقامة او عمل , وكان معظم وقتي اقضيه  في قراءة الصحف والاعلانات ,
بعد قرابة شهرين اخرى , وانتقالي للسكن مع اصدقاء ليوسف , حان موعد زفافه , وشأءت الاقدار ان عائلة من اقاربه واقارب وزوجته بنفس الوقت من المقيمين في دولة عربية اخرى ليست ببعيدة ,
وقد عرف عن تلك الدولة انها دولة مستقرة بعد ان خاضت حرب اهلية استمرت لسنوات , ولكن اهلها عرفوا بالمدنية والرقي والحضارة المعاصرة , كانوا قد حضروا لمشاهدة بعضهم للبعض الاخر , وقد اغتنموا هذه الفرصة للقاء فيما بينهم , وقبل مراسيم الزواج الفعلية التقيت احد افراد تلك العائلة الضيفة على يوسف , وهو صديق له اكثر منه قريبآ , يعمل في مطعم من الدرجة الاولى في عاصمة ذلك البلد وقد تخصص بصناعة المعجنات ( البيتزا ) و ( لحم بعجين ) و ( الصاج ) وجميعها اكلات ايطالية مشهورة وعليها اقبال كبير اينما وجدت .........
عرف ( آرام ) وهذا هو اسمه , ظروفي وعقيليتي ونفسيتي , ومع الحاح يوسف عليه وارتياحه هو لي , حيث عقدت علاقة صداقة معه منذ الوهلة الاولى , دعاني الى خوض تجربة ربما تسفر عن نتيجة , تكمن في ذهابنا يوم الاثنين الى سفارة البلد المقيم هو فيه فعسى ان يجد منفذآ لمنحي تاشيرة الدخول , واذا ما تعذر ذلك فسوف يحاول ان يحصل لي على تاشيرة من الخارجية وان كان ذلك مقابل ثمن من المال ..........!!!
تزوج يوسف ليلة السبت على الاحد وفي يوم الاثنين صباحا , التقيت مع آرام وذهبنا الى السفارة , كانت محاولاتنا وتساؤلاتنا الاولى فاشلة , واوشكنا ان نغادر السفارة بعد ان يأسنا .... لولا صوتا ينادي باسمي من احدى غرف تلك السفارة وبلهجة بلدي , ومع استغرابي للمنادي ... رجعت كي استطلع......!!! كان النداء من زميل قديم لدراستي في مرحلة المعهد , تربطني به علاقة صداقة حميمة , فحظنته وحظنني وكلنا شوق ولهفة لرؤية بعضنا البعض , وقد كان هذا الزميل ابنآ لقائم بالاعمال ثم سفيرآ في خارجية بلدي , وقد اتهم والده بقضية امن دولة ... فساقوه لحبل المشنقة وبعدها غادر هو وعائلته البلد منذ ذلك التاريخ دون رجعة , فعمل في عدة اعمال كان اخرها منذ خمس سنوات بتلك السفارة ,

هنا تدخل آرام وهو يسمع الحديث ونحن في ضيافته فقال على الفور :
- والان قد جاء دورك لتخدم صديق وزميل دراستك ...نريد الحصول على تاشيرة بجهودك......اريده يعمل معي هناك ....
استفسر( زاهر ) مني ومن آرام عن الموضوع ....وقد ارشدنا الى حل سريع ومضمون ,
كان يتطلب الامر مني احضار طلب دعوة من المطعم الذي يعمل به ارام ترسل هذه الدعوة الى السفارة هنا , توضح الرسالة حاجتهم لي وتطلب  المساعدة لمنحي تاشيرة عمل او تاشيرة زيارة , ثم اكما ازهر حديثه ... بعدها سياتي دوره  للتدخل وسيضمن لنا ما نريده.....وطلب ان يرسل الطلب عبر الفاكس او الانترنيت وباقرب فرصة .... ,
وافق آرام على المقترح وكان يظن ان عليه ان يخرج لكي يتصل بالمطعم ولكن زاهر قال له
- ان كنت واثقآ من الاستجابة لطلبك ولديك العنوان او الهاتف اتصل الان من هنا, ولننتظر الجواب منهم ان كانوا في جديةفي الامر  فغليآ , وسانهي الامر اليوم لكم ,
لم نكن مصدقين ما نسمعه .......!!!
قام آرام على الفور بالاتصال الهاتفي وقص الموضوع على صاحب المطعم وقد تعهد له بكامل الاجراءات والضمانات , وطلب منه ان يرسل الرسالة الان الى عنوان السفارة وعلى بريدها الذي اعطاه له زاهر , وانتظرنا اكثر من ثلاث ساعات ونحن في ضيافة زاهر, نستعيد في ذلك الوقت الذكريات الدراسية والزملاء والزميلات في تلك المرحلة حتى صاح زاهر :
- وصلت الرسالة ,
فقام بسحبها على آلة الاستنساخ وصور جوازي , وخرج وتركنا انا وآرام , فقال لي ارام
- انا متفائل ومطمئن جدآ ,
 وعكسه انا كنت مشوشا وقلقآ جدآ ,
 اقل من ساعة قد مضت علينا ونحن على احر من الجمر والانتظار القاتل ,
... اصبح جوازي عندي وهو يحمل سمة الدخول , وكنت بين مصدق او غير مصدق , وفي المساء كنا انا وآرام وزاهر ويوسف في مطعم فاخر وسط العاصمة , ونحن نستعيد بعض الذكريات القديمة مع وجبة عشاء فاخرة اقامها لي صديق دراستي زاهر ...........
سافرت مع ارام عبر دولة شقيقة وصولا الى مقصدنا في المحطة الثانية لغربتي , وقضيت اليوم الاول والثاني والثالث في بيت ارام , وقد قررت ان اغادر البيت واستأجر لي سكنآ , ومع رفض ارام وعائلته , كان اصراري اقوى واكثر تزمتآ منهم . الا ان ارام طلب مني مهلة ليوم او يومين لكي يكلم صاحب المطعم عسى ان يسمح لي بالسكن في المطعم ذاته مع العمال , فقلت له واصل انت مساعيك وانا في سكن خارج بيتك , وكان لي ما اردت , كنت اقضي كل يومي تقريبا مع ارام في عمله , وكنت اراقب طريقة اعداده للمعجنات بقصد او غير قصد , وكثيرآ ما قدمت له بعض المتطلبات التي يحتاجها في عمله او قمت بمساعدته لبعض الاعمال البسيطة جدآ
                                                                                                                    مرت شهرين على وجودي مع ارام وقد استلمت ولاول مرة مساعدة مالية من اهلي , كما حصلت على عمل بسيط في احدى المدارس لالقاء المحاضرات لمادة التربية الفنية , وكنت اقضي بعض الاوقات وبشكل شبه مستمر على ساحل البحر وانا اقرأ الصحف والاعلانات فيها تحديدآ ,  واحيانآ استرجع المادة العلمية التي درست بعضها في المعهد او الكلية , حيث كنت قد هيأت نفسي للالتحاق بدراسة الماجستير ومنها استعادت المعلومات ومن ثم القائها على الطلبة في عملي ,
كنت اركن الى مجموعة من الصخور الضخمة على الشاطيء واسند ظهري لها مفترشآ الارض وانا بكامل ملابسي , وكم من مرة كنت استعيد بها الذكريات الخاصة والعامة في ذلك الموقع ,
كنت وكلما حضرت الى ذلك المكان , يخطف بصري استلقاء أمرأة تحت مضلة ملونة وهي ممددة على مقعد سريري متحرك وبجانبها حقيبة صغيرة , وفي اغلب الاحيان كانت تقرأ , او تغط في نوم ويدها فوق عينيها , لم اكلف نفسي يوما للتفكير بها او النظر اليها بقصد ما , بل كان مروري منها مرورالكرام , لكي اذهب الى المكان الذي اعتدت الجلوس فيه ,
وذات يوم وقفت تلك الانثى وهي قبالتي والقت بالتحية , ورددت لها السلام , وقد عرفت من لهجتي انني لست من بلدها , فقالت لي : - هل تعي حقيقة  ؟ ... ان الجلوس بجانب الصخر فيه الكثير من المخاطر ؟
- فقلت لها ... لا... ما هي خطورة الامر ؟... انني استعين بها لاسناد ظهري
- لاانصحك ... بذلك ...فمثل هذه الاماكن تحوي عادة على الافاعي السامة وبعض الحشرات الضارة ... لقد فقدنا يومآ قريبآ لنا في مثل الصخور ....
شكرتها على ملاحظتها ... وانصرفت ...بينما واصلت انا الجلوس لذلك اليوم .......
بعد يومين عدت ولنفس المكان وقد وجدتها قد سبقتني كالعادة .. فمررت من جانبها والقيت عليها التحية , وذهبت ابحث عن مكان اجلس فيه بعيدا من تلك الصخور , ولم اجد ما يروق لي ولم يكن لي سوى خيارات غير منسجمة معي , وكانت خياراتي اما الجلوس في العراء على الشاطيء دون ان اسند ظهري , او العودة الى الصخور او الانسحاب لمؤخرة الشاطئ للاستناد على الحائط الكونكريتي المحاذي للشارع العام وتحمل صخب السيارات ,
وكان هذا هو الاختيار الافضل الذي وقع عليه الرأي عندي , فهممت اليه , وكان قد استوقفني صوتها وباللهجة المحلية تقول :  - - ( شرف هوون ) اي تفضل هنا .....
وشكرتها وبحياء , ولكني وجدت تلك فرصة , فرصة لاتعوض للتعارف من جهة ولتغيير الاجواء التي اعتدتها بشكل روتيني من جهة اخرى , فقبلت دعوتها وجلست بقربها ......
كانت ميري ( وهو اسمها ) مؤدبة جدا , وذات اخلاق عالية , وذو احترام لنفسها ولغيرها , وهي تمتلك سمة من الجمال والجاذبية المميزة , وثقافتها عالية , ربما اقول انها قد تختلف عن الاغلبية المطلقة من بنات جنسها في ذلك البلد ,
سألتني , حينما شاركتها جلستها على البساط وهي تقدم لي مشروبا غازيا , وقالت :
- لقد لمحت عيني , حينما تكلمت معك , مجموعة من الكتب في مادة الرسم , فهل انت تهتم بتلك المادة
حكيت لها عن مجال اختصاصي وقيامي بالتدريس الان ورغبتي في اكمال دراستي .....وقد قادنا الحديث عن هجرتي والاهداف التي اروم تحقيقها , وقد احسست ومنذ الوهلة الاولى انها قد تعاطفت معي كثيرا ثم استمالت معي في تحقيق اهدافي ,
 وعدتني بابداء المساعدة والعون لي , وقد علمت انها تهوى الرسم ولديها مشغل صغير في البيت ولكنها تفتقر الى اوليات ومباديء الرسم , وقد وعدتها كما وعدتني بابداء المساعدة لها وتدريسها تلك الاصول وقد اتفقنا على ذلك .
اخبرت ارام بتفاصيل ما حدث , وسألني عن عائلتها , ولم اكن اعرف ذلك , ويبدو ان ذلك مهم جدأ في ذلك البلد الصغير بمساحته , والكبير بعراقته ’ وحب شعبه للعيش وبشكل متحضر ومتمدن ومنفتح ,
كان لي معها موعدأ لكي نلتقي وهي بصحبة كل معداتها الفنية , لتتلقى درسأ عمليأ في الهواء الطلق ,
.... قبل الموعد باكثر من ساعة رن هاتف ارام  ليخبروه بتوعك صحة زوجته الحامل ومن ثم اخذهم لها الى المستشفى , مما حدا به لترك العمل وعلى عجل , برغم ان لديه طلب خارجي مستعجل لاحدى العوائل
هنا وجدت نفسي امام امتحان صعب ,
هل اتولى تنفيذ عمله بدلا منه ؟,
 ربما سوف لن يروق له ذلك وكذلك لصاحب المطعم !!!,
ام اهيئ له مستلزمات العمل الاخرى لكي اختزل له عامل الوقت ؟,
بدأت اولا بتهيئة تلك المستلزمات , ولكن عامل التحدي مع الذات , جعلني اعمل القطعة الاولى ثم الثانية فالثالثة وهكذا استمريت في العمل لاربع ساعات متتالية دون كلل او تعب او حتى قسط من الراحة ,
عاد ارام وهو بين مصدق او غيرمصدق , وقال لي : صدق من قال , ان ضربت الصانع , ضربت استاذ ونصف ....ثم سئلني : -هل كانت لك خبرة سابقة ؟
 فنفيت ذلك له , ثم استدرك وقال :
- ألم تخبرني بموعدك اليوم مع ميري ؟
وقع السؤال علي وقع الصاعقة , فهذا اول موعد لي معها , وها انا اتخلف عنها ,
 ... في اليوم الثاني ذهبت اليها مبكرأ وانتظرت طويلا حتى وصلت واعتذرت لها اعتذارآ شديدآ , وقد حكيت لها تفاصيل الموقف , وعلى اثر ذلك وجهت لها دعوة باسم ارام في المطعم الذي يعمل به لانه يرى انه السبب في عدم تحقيق لقاء الامس بيننا , وقد قبلت الدعوة وعلى الفور ..........
في اليوم الثاني جاءت ميري حسب الموعد واستقبلتها واعلمت ارام بوجودها فجاء وبملابس العمل وسلم عليها ثم استاذن ولحين انتهاء عمله لينضم الينا , وبقينا نحن الاثنين نتحدث عن مادة الرسم مستثمرين الاجزاء والمواد المحيطة بنا , حتى التحق بنا ارام ... وبدأت الصحون والاطباق تاخذ طريقها الى المائدة وقد انضم الينا صاحب المطعم , حيث رحبت به  ميري قويآ وسألته عن زوجته وشقيقته وزوج شقيقته , وبعد ان اجاب صاحب المطعم على اسئلتها , ثم سألها عن نفسها لانه يجهل من هي ؟ فابتسمت واجابت باقتضاب انها بنت فلان وزوجة فلان ,
نظرت الى ارام وقد تسمر في مكانه مندهشآ , وقد فغر فاه وفتح عيناه , بينما راح صاحب المطعم يرحب بها بحفاوة بالغة ومبالغ بها كثيرآ , وقد آمر بتغيير الاطباق الى وجبات اكثر اهمية ’ الا ان ميري رفضت ذلك التغيير واصرت على تناول البيتزا والصاج لانها قد تذوقتها قبل يومين في دعوة بيت ال .... وقد اعجبت بها كثيرآ  .
انتهز ارام حديثها ليخبرها وللسيد صاحب المطعم بان تلك الوجبة من اعدادي انا , ولم يبقى من كل الحديث الا ان يقول لهم بانني معلمه وهو قد تخرج من تحت يدي , حيث كان حديثه رسالة مقصودة الى صاحب المطعم  , وقد فهمها صاحب المطعم فرد عليه , بانني ساكون في ذهنه عند الطلبات والتوصيات في المناسبات , وحتما كان ارام يروم ان يسمع منه غير ذلك , لقد عرفت لاول مرة انها متزوجه , ولكن كنت اتساءل مع نفسي , من هو فلان وفلان ؟ ولماذا هذا الاهتمام ؟ ولماذا اندهش ارام ؟ تمنيت ان تتاح لي اي فرصة للحصول على تلك الاجابات في تلك اللحظة , ولكن لم اتمكن من ذلك حتى تم توديعها من قبل صاحب المطعم وانا وارام خلفه , وما ان اعتلت سيارتها التي اشاهدها لاول مرة ايضآ , التفتت وقالت:
- القاك غدآ ... بنفس المكان ... مع السلامة
اعلمني ارام منزلة اهلها ومكانتهم السياسية في الدولة , ومنزلتهم الرفيعة في التجارة وراس المال , وقد علمت من صاحب المطعم بعد ان سألني عن معرفتي بها , فاجاب ارام بدلا عني وقال : انني اقوم بتدريسها مادة الفنون التشكيلية وخصوصآ الرسم والنحت , فقال صاحب المطعم  كنت اود ان اسألها عما اذا كانت قد طلقت من زوجها ام لا.. حيث انهم ومنذ ثلاث سنوات منفصلان وحاليا زوجها في  اوربا مع بعض افراد عائلته , واستلم مني ردآ بحركة من راسي ويديً جوابا بعدم معرفتي بالامر .
ارشدتني ميري بعد ايام الى مجلة فنية اسبوعية , حيث حضرنا سوية وقدمتني الى صاحبتها كاستاذ لمادة الفن , ولديً الثقافة الكاملة لكتابة مواضيع في الفن , وقد اتفقت فعلا على تحرير صفحتين كل اسبوع في تلك المجلة مقابل اجر لابأس به .
وذات مرة دعتني الى بيتها ومشاهدة مرسمها الصغير ولوحاتها المنجزة , وكانت امها في بادئ الامر معنا الاانها تركتنا لوحدنا في الطابق العلوي لساعات وساعات ,
كانت ميري جادة بالتعليم وتتقبل الملاحظات بسرعة فائقة , لاانكر انني كنت جائع الى اشياء ابعد من ذلك .....!!! ولكن شخصيتها لم تمنحني فرصة واحدة لتحقيق ما بذهني !!!
توثقت علاقتي بها وكنت اروي الى ارام كل صغيرة او كبيرة , ما عدا ما يجول بخاطري , وبعد اشهر من هذه العلاقة التي تقوى بيننا يوم بعد يوم , اخذت ميري تصحبني معها الى تلك الصالونات المخملية الرفيعة المستوى اجتماعيا , فتعرفت بالعديد من الشخصيات واشرفت متطوعا احيانآ وباجر احيان اخرى الى تصميم وتنفيذ ديكورات ولوحات بعض البيوت والمحلات التجارية ,
وذات مرة دعتني الى مناسبة لدى احدى العوائل الراقية , وكان الحضور فيها من الجنس اللطيف اكثر من الرجال بكثير , وكان البذخ بتلك المناسبة واضح للعيان كثيرا , وقد تناول فيها الموجودين المشروبات الكحولية كثيرا وهم يرقصون على انغام الموسيقى , اما ميري فقد شاهدت في يدها اكثر من مرة كأسا من شراب المائدة حيث بقيت طيلة السهرة تمتلك الوعي الكامل بينما انا لم انهي ربع كأسأ واحدا منذ بداية الحفلة وحتى نهايتها في فجر الصباح , رغم اني كنت استبدله بين الحين والاخر ,
عرفتني بالحفل بشابة كانت مميزة في ملبسها وضحكتها وتصرفاتها وانتقالاتها الكثيرة , وما ان عرفتني اجيد الرسم والنحت والطرق على المعادن حتى لصقت بي كمادة صمغية وقد اعطتني هواتفها المتعددة واخذت هاتفي , قرب نهاية الحفل كانت هذه الشابة قد ثملت كثيرا وتقيأت اكثر من مرة  وفي طريق عودتنا انا مع ميري وجهت لي سؤالا عن سبب عدم تناولي اي مشروبات , فقلت لها :
- وددت ان اشاهد كل مايحدث وانا بكامل وعيٌ هذا من جانب ... ومن جانب اخر انني التقي مع الجميع بستثناءك لاول مرة وليس من التعقل ان اترك انطباعا سيئآ لديهم .. لاني اعرف ان الخمرة غادرة لشاربها
اعجبتها اجاباتي وتصرفي كثيرا,وعند وصولي الى سكناي وانا اهيم بالنزول , قالت لي :
- ستتصل بك ( سوزان ) ... انا واثقة من ذلك.. ( تقصد تلك الشابة السكيرة ثم استدارت براسها )
ودعتها ونزلت وقد احسست بعدم رضاها لما تتوقع ان يحدث .. بينما هي قادت سيارتها بهدوء , وقد صح ما توقعته فما ان دخلت الغرفة واذا بسوزان تتصل وهي ثملة جدا وتصف لي وضعها وهي نائمة عارية , حيث كانت تروم دعوتي معها للبيت لولا افراطها بالشراب , ولكنها الان قد استحمت وفاقت من ثمالتها , ثم دعتني للقاء قريبا والاتصال بها ,
ما ان انتهت من تلك المكالمة فقد وجدت ان ميري قد اتصلت بي هي الاخرى مرتين , ... لقد كانت تروم التاكد من انشغال هاتفي وصحت توقعها ... فقمت وعلى الفور الاتصال بها ولكنها رفضته , فتركتها ونمت بعد ان تركت هاتفي على الصامت ......... وحين فقت بعد الظهر اتصلت بها ثانية وبقي هاتفها يرن الى ان انقطع تلقائيا وعاودت الاتصال وحصل لي نفس الشئ وعرفت انها قد وضعته على الصامت او الغاء اسقبال المكالمات ..... فذهبت الى ارام وتحدثت له بكل كبيرة و صغيرة لما شاهدته في الحفل يوم امس ,
وفي المساء بينما كنت انا وارام  وزوجته جالسين في ساحة المطعم جاءت ميري وانضمت الينا ... وبعد برهة استأذن ارام وزوجته لقضاء حاجة قريبة منا .... اخبرت ميري بهاتف سوزان كما توقعت هي .... ثم سألتها عن سبب عدم الرد علي ... فتذرعت بانها كانت نعسه واغلقت الهاتف دون ان تعرف من الطالب ... وحين سألتني عما اريد منها قلت لها كنت اروم اخبارك بهاتف سوزان ... فتجاهلت الامر واعتبرت ان الموضوع شخصي لادخل لها بالامر ......!!! استمرت لقاءاتي مع ميري , وكما هو الحال مع سوزان , وكنت اروي لميري عن كل شئ الا انها وبعد اصغائها الى التفاصيل كانت تفاجئني بالرد ان هذا شأني معها .... تضايقت من هذا الرد الذي تكرر كثيرا وشكيت الى ارام فقال لي :
- الم ترى انها متعلقة بك , ولكنها في نفس الوقت متعلقة بظروفها , ومنها انفصالها عن زوجها , لان دينها قد لايسمح بذلك الا بعد هجران او فراق يصل الى خمس سنوات لكي يتحقق لها ما تريد .... وان ظروفها الاجتماعية لاتسمح لها ان تتخذني حبيبا او عشيقا .. ثم اردف قائلا :
- حاول ان تتغاضى عن سرد ما يدور بينك وبين سوزان ..وسترى كيف انها هي ستحاول استنطاقك.....!!
فعلا هذا ما حصل بالضبط ... وايقنت ان ميري تريد ولا تظهر , تتمنى وتتجنب , ولكنها على الاقل انها تريد ان تعرف كل شئ وكل ما يدور بيني وبين سوزان بشكل خاص وبين وبين ما يحيط بي بشكل عام  ,
ذات يوم اتخذت موقفا واضحا وقويا , اذ طلبت مني ان اوثق علاقتي بسوزان وان البي كل ما تحتاج اليه , لان موضوع حصولي على تاشيرة البلد الذي اصبح هدفي الوحيد يمكن ان يمر عبرها , احسست انم يري قد فضلت مصلتحي على خصوصيتها ,
 فعلا كنت قد اخذت بمشورتها وعملت على تلبية كل رغباتها رغم عدم ارتياحي لكثير من تصرفاتها التي لا تمتلك فيها لابسط قواعد الاصول لذا وبعد فترة ضقت ذرعا بتصرفات سوزان ولا اباليتها وتصرفاتها الغير منضبطة , ولكن ميري لها موقف اخر في الامر وتهدأني , وتطلب مني ان يتسع صدري لها , وكنت اشبه بالممزق بين كياسة ميري ومراهقة سوزان , وذات مرة وبينما كنت مع سوزان في حفلة خاصة في بيت احد الاصدقاء لها كما جرت العادة , ارتشفت سوزان الكثير من المشروبات الكحولية واخذت تقذف هذا وذاك تارة في الكلمات وتارة اخرى بما يكون بين يدها , وقد ضاق الحضور من تصرفاتها , ولكن احدا لا يجرؤ على ايقافها , واخذت نظراتهم تتوجه لي باعتباري جئت مرافقا معها , فتقدمت نحوها وحاولت ان اجعلها تفيق ولكنها ازدادت سوءأ وحاولت دفعي بقوة وهي تصرخ بوجهي :
- اتركني واذهب الى حبيبة القلب... لماذا تلاحقني ..هناك ميمي ( تقصد ميري )  .. حيث هجرها زوجها (وقهقهت بصوت عال ) .... واخذت تغني بسخرية
جن جنوني وانا اسمعها وهي تنطق بتلك الالفاظ فتقدمت نحوها وقد صفعتها بكفين متتالين على وجهها ..
 سقطت من شدتهما على الاريكة ثم انقضضت عليها وامام انظار الجميع اللذين اصيبوا بالذهول , وسحبتها وبكل قوة من شعرها وكأني اسحب خروفا من قرونه واخرجتها من الصالة الى ساحة البيت ثم الى موقف السيارات, وكنت لاازل امسك بشعرها وبقوة , وساقيها يخطان بالارض , احضر لي على عجل عمال الخدمة السيارة واجلستها في المقعد الامامي وتبعني احدهم بحقيبتها الجلدية التي رميتها على المقعد الخلفي , وقد اكتفى بعض الحضور من النظر عبر الباب دون ان ينبس اي منهم بكلمة واحدة ,
بينما كانت سوزان تبكي بالم شديد ولكن دون صراخ , قمت بقيادة السيارة رغم اني لا امتلك اجازة سوق ذلك البلد , وان التعليمات تقضي بتسفيري على الفور في حالة اكتشافي اقوم بذلك . ووصلت الى بيتها ... وفتح لي الحراس الباب الخارجية وطلبت منهم ان ياخذوها الى غرفتها ولايسمحوا لها بالخروج حتى اعود
تركت السيارة وخرجت وكانت الساعة قد جاوزت منتصف الليل , واذ بمنبه سيارة بالقرب مني فالتفت فكانت بسيارة اجرة , صعدت بها دون ان اكلم السائق وبعد قليل طلبت منه ان يتوجه الى منطقة بيت ميري , فوصلت اليه واتصل الحرس في باب البيت بها واذنت لي بالدخول وانتظرتها بالصالة فنزلت هي اولا ثم تبعتها امها , وكان يبدو علي التوتر والهستريا , فقامت على الفور باحضار قهوة لي وكنت اتأفف كثيرا, طلبت سيجارة وتبعتها باخرى , وبعد ان اطمأنت امها استأذنت الى غرفتها , فقصصت عليها ما دار بيني وبين سوزان وقد اخفيت عليها ذكر اسمها بالموضوع , طلبت مني ان اهدأ وعرضت علي النوم في بيتهم , الاانني رفضت ذلك , فطلبت ميري من السائق الذي كان يغط بنوم عميق ان يوصلني دون ان تقول لي شئ اخر .
ايقضت ارام من النوم وقصصت عليه كل شئ , وكان ارام يبتسم طوال الوقت , وما ان انهيت القصة طلب مني ان اخلد الان الى النوم دون بيان اي راي وقال لي : في الصباح رباح , انهض وحاول ان تنسى كل شئ , واخذ يردد بسيطة ’ لاشئ ... بسيطة .
لم يكن نسيان الامر بالشئ البسيط ...وبعد ايعاء طويل ومع اقتراب الفجر استسلمت للنوم, وبعد الساعة الثانية بعد الظهر أفقت من ذلك السبات العميق ولم اجد احد في البيت , وبعد ان اخذت حماما ساخنا توجهت الى ارام , فوجدته منهمك في طلب خارجي لاعداد وجبة كبيرة من المعجنات فوجدت انها فرصة لمشاركته في العمل في محاولة لاشغال نفسي ,
في المساء وبعد الانتهاء من العمل جلسنا انا وارام وزوجته في حديقة المطعم وبعد اكثر من ساعة انظمت الينا ميري, وكنت وخلال كل ذلك الوقت لم افتح فمي في كلمة بينما راح ارام يتحدث عن الطلب المطلوب انجازه وخلال اليومين التاليين .......
انتقل الحديث بين ميري وزوجة ارام حول الطفولة والولادة والتربية , فستأذنت الجميع وتركتهم حيث شعرت بالضيق الشديد استمر عملي في اليوم الثاني والثالث مع ارام وانا لم انطق باي كلمة ’ وما ان انتهت كل الاستعدادات والتحضيرات للطلب الذي كان كبيرا جدا , اخذت بتغيير ملابسي بعد الاستحمام , وجلست قبالة ارام الذي سألني عن دراستي التي التحقت بها مؤخرأ , وعلى غر غفلة شاهدت ارام وقد اندهش وهو يشخص بنظره لما يدور خلفي , و كنت قد سمعت ان الباب الذي يقع خلف ظهري قد انفتح ولم اعبأ به , فالتفت الى الوراء , اذا افاجئ بسوزان وهي بلباس فاخر وانيق تقف خلفي , وقد خصت ارام فقط بالتحية براسها , ونظرت لي وقالت:
- اتمنى ان لاتكون على ارتباط مع اي احد .....؟
هززت راسي نافيآ ... فتوجهت الى ارام وقالت :
- سنغيب عنكم بعض الوقت ... لاتقلقوا علينا ....!!!
مدت يدها لي وسحبتني ووجدت نفسي انسحب وراءها دون ممانعة ... بعد ان القت تحية الوداع الى ارام ......خرجت معها وانا في حيرة لما يدور ... واتساءل مع نفسي :
هل تقبلت الامر بكل هذه البساطة ؟
هل هي لاابالية الى هذا الحد , آم  في ذهنها شئ مخبأ لي  ؟
هل تريد ان تنتتقم مني ؟
قادت سوزان السيارة بنفسها وهي تخترق بها شوارع العاصمة باتجاه مخارجها الجنوبية , وقد فتحت جهاز التسجيل الصوتي في السيارة بصوت شبه مرتفع , دون ان تنبس ببنت شفة طيلة الوقت , وبعد اكثر من عشرين دقيقة ونحن خارج شوارع العاصمة , استدارت شمالا ثم يمينا عدة مرات حتى وصلنا الى اطراف سفح مرتفع جبلي ووقفنا امام منزل بطابقين , وهو منزل انيق وجذاب يشبه تكوينه البيوت الصينية او اليابانية ,
استوقفت السيارة واستقبلتنا عائلة من اصل عربي هي حارسة البيت , فسمعت سوزان تقول :  لهم سنمكث هنا عدة ايام !!!
دخلنا البيت وحتى هذه اللحظة لم نتبادل اي حديث فيما بيننا , قام الحارس ( عمو عبدو ) بنقل حقيبة سوزان الى البيت , فخرجت معه سوزان وبيدها قلم وورقة كانت قد اخذتهما من المكتب الموجود بالصالة وقد شاهدتها وهي تكتب له بعض الطلبات التي تحتاجها ,
عادت سوزان الى الصاله وسألتني عن رايً في بيت العائلة الصيفي ؟ ثم طلبت مني التجوال به وقد رافقتني وهي تفتح لي الغرف والمنافع الواحدة تلو الاخرى , وحين انتهيت من تلك الجولة حاولت ان استوقفها لفتح اي موضوع او اي استفسار حول ما يدور , الا ان سوزان تجاهلت الامر وكأنها ترتقب الوقت المناسب , مما سحبتني الى داخل الصالة وبدلال وصبيانية ودلع واجلستني على الاريكة وقالت لي :
- ما هو رايك بذوقي ... انظر هذه الافلام  ( وقد اشارت الى العشرات من افلام CD ) انها افلامي المفضلة , ساريك احدها
لقد ذهب ذهني بعيدا الى مضمون هذه الافلام , ولكن المفاجئة انها كانت جميعها ( افلام كارتون ) .......!!!
بعد وقت ليس بقليل ونحن نستمتع بافلام كارتون بينما هي تتفاعل معها وتضحك وتقهقه , جاء عمو عبدو وهو يحمل جميع انواع الخضار والاجبان وارغفة الخبز والصمون , وبكميات ربما تكفينا لاسبوع او اسبوعين , بعدها ادخل علينا صندوق كاملا من زجاجات المشروبات الكحولية المتنوعة , وهنا التفتت لي سوزان وكأنها تريد ان تستطلع رأي بالامر , لم اظهر اي قبول او اعتراض لما شاهدته امامي  , وبعد ان خرج عمو عبدو وقد وظب كل شئ في مكانه , لحقت به سوزان واغلقت الباب بالمفتاح ووضعته على الموقد الناري امام عيني , وتقدمت نحوي وهي شاخصة ببصرها في بؤبؤة عيني ومدت يدها وهي تقول :
- ممكن تلفونك النقال .. (اعطيتها التلفون النقال .. دون ان اسألها عن السبب )  فقامت  بغلقه نهائيا عن الخدمة , وقالت : لقد حرموني من ان اراك ثلاثة ايام مضت وبقيت معهم ( تقصد ارام وميري , وربما تقصد ميري فقط من وجهة نظرها )...ساحرمهم منك ثلاثة ايام ...هذا حقي الطبيعي ...!!
ورمت بنفسها في حظني , وكأنها ظمأنة ترتوي لتطفأ عطشها الشديد وبنهم شديد ,
لقد كان لها ما ارادت فبعد دقائق ليست بكثيرة حتى كنت اعيش معها ثلاثة نهارات وليلتين في سرير واحد لانغادره الا لقضاء حاجتنا او جلب شئ نحتاج اليه ..........!!! ومع استمتاعنا بمشاهدة افلام الكارتون ... ودون ان تكون هناك اي اعادة او استذكار او كلام عتاب او ملامة او اي نوع من هذا القبيل لما حصل معها في الحفلة ....                                                                                                                                 في الطرف الاخر كان ارام قد حملته الهواجس ابعد مني ... وبعد يوم كامل وانا على انقطاع معه , اتصل بميري وحكى لها الموقف الذي حدث وابدى لها مخاوفه ,
طلبت منه ميري ان يمهلها لصباح اليوم التالي , وبعد محاولات الاتصال الفاشلة معي ومع سوزان , تحركت ميري الى منزل عائلة سوزان السياحي او الصيفي في مصيف الجبل وشاهدت سيارة سوزان في باب البيت , ثم عادت ولم تكلم احد واتصلت بارام واخبرته بالامر , فاطمئن ارام وربما ميري أيضا ...!!!
كنت قد علمت ذلك لاحقا ................... , حينما عدنا بعد عزلتنا هذه التي انقطعنا فيها عن العالم تماما ,عدنا الى العاصمة فاوصلتني سوزان الى المطعم , واذا بارام يفاجئني باخبار غير سارة عن الوضع في بلدي , حيث غزت بلدي بجيوشها بلد شقيق وجار صغير منذ صباح اليوم الاول الذي كنت فيه مع سوزان ونحن لانعلم شئ لانشغالنا ............ بافلام الكارتون ,
حصلت على الصحف الصادرة خلال الايام الماضية , وكانت قد انقطعت كل سبل الاتصال باهلنا موقتا ’ واخذت اتابع الاخبار عن طريق الفضائيات والمحطات الاذاعة والتلفزيون , وخلال ايام وصلت جالية ذلك البلد الذي تم غزوه الى عاصمة البلد الذي اقيم فيه الان وهي في تزايد مستمر , بينما هناك اراء متقاطعة بين مؤيد ومعارض , وما زاد الطين بلة هو ذلك السلوك المشين لابناء تلك الجالية ازاء المقيمين والمهاجرين من ابناء بلدي , وكأنهم هم وراء كل ذلك , فحدثت المشاحنات والخناقات الكثيرة بين ابناء الجاليتين ولكل منهم من يؤيده او يعارضه .......
وذات مرة وتحديدا بعد اكثر من شهرين على ذلك الغزو , ورغم انني كنت احس بلوعة من فقد بلده !!! , الا انني وذات مرة اعترضني احدهم وكأنه يريد ان يفرغ ما يعانيه ’ بتلك الساعة , فوجدني امامه , وعبثا حاولت تفاديه عدة مرات , الا انه كان مصرا على المشاكسه , ومع انني كنت في اعلى درجات الهدوء والسكينة والخلق والادب , الاانه قد اثارني بكلمات غير مؤدبه وغير اخلاقية مست اعراض وشرف كل النساء في بلدي فتحاملت عليه ووجهت له لكمة افقدته صوابه , ولااعرف مقدار الضرر الذي لحق به,  وكم سنا او ضرسا اسقطت من فمه في حينها , ومع ذلك فقد قفزت اليه وانا احاول تهدئة الموقف واحاول ان اكفر عن خطئي واصلح الموقف الذي اقدمت عليه وانا في ثورة لامبرر لها ,
تقدم نحوي رجال الامن و أرادوا تقييد يدي الى الخلف , الا ان هناك امرأة كانت تقف على بعد مني صاحت برجال الامن العسكريين ونادت على احد منهم , ولا اعرف ماذا قالت له , الا انني شاهدت رجل الامن يقف نتأهب واحترام كامل لها , وحتى هذه الساعة لازلت اجهل هويتها , عاد رجل الامن وكلم الثاني بهمس , فرفع راسه لها ايجابآ , وكانه يؤدي التحية براسه او يطيع الاوامر الصادرة لهم ,
 اوقف الشرطي الاول سيارة اجرة وطلب مني ان اغادر المكان وقد تركت ذلك الرجل ونزيف الدم من فمه قد جعل ملابسه البيضاء ( الدشداشة ) قطعة حمراء داكنه ، وصلت منعطف طريق فطلبت من السائق ان يتوقف , ثم مررت بطريق ضيق يؤدي الى شارع اخر واستوقفت سيارة اجرة ثانية , وبعد مسافة نزلت , واخذت سيارة ثالثة من سيارات خدمات الركاب للافراد , وقبالة بيت سوزان من الطرف الاخر نزلت منها ومشيت بقية المسافة حتى دخلت البيت .  وانا بقمة غضبي عما فعلته , وجدت سوزان مع امها وهن في شجار عنيف , فسحبت حالي وذهبت للمطبخ , لاني وودت ان اتركهم مثل كل مرة وهما يتشاجران , فسوزان على علاقة سيئة مع امها ولكن دعم والدها لها وعدم تدخل اخيها المتزوج في شؤونها جعلها تكون هكذا ,
استنجدت امها بي وشكت لي من تصرفات سوزان وسهرها الذي لم ينقطع , واخيرا علاقتها مع اؤلئك المهجرين من بلادهم بسبب حكومة بلدي , لاانكر انها اثارت بعض العصبية لدي لابسبب الموقف السياسي او الدوافع التاريخية او المشكلة الحالية ,
لكن ربما كان احد الاسباب المثيرة , هي تلك الكلمات البذيئة  التي سمعتها بحق نساء بلدي بشكل عام , ولكني كتمت غيظي , وقد اخبرتني ايضآ , بانها اي سوزان تروم عمل حفل صغير لاؤلئك المهجرين اللذين قد تعرفت عليهم منذ ايام , وهي تمانع ذلك وعللت الاسباب التي كانت وراء ذلك المنع واقعية للغاية ,
فالام تنظر ان الدعوة يمكن تفسيرها انها مقامة لهم بسبب ما يملكون من اموال , فهم معرفون بانهم من الشعوب الاكثر دخلا قوميا في العالم وهم بطبيعتهم متغطرسين  ولايملكون القيم الاجتماعية المطلوبه بسبب غرورهم المادي ,
 وقفت بجانب امها وطلبت ان تنفذ ما تريده الام , الا ان سوزان قد استشاطت بوجهي وهي تصرخ وكانني قن او اجير اعمل عندها , وقد كنت قبل قليل اهدئ من صراخها بوجه امها , ولكن الان الامر تعدى الام ليصل لي , وهنا حاولت الام ان تتبادل المواقع معي اذ طلبت من سوزان ان تخفض صوتها بوجهي , الا ان سوزان عادت وصرخت بوجه امها ثانية ,
 قفزت من الكرسي الجالس عليه نحو سوزان وقد تفجر الدم بعروقي , وكاد ان يتدفق من شرايني , فوضعت يدي اليسرى خلف راسها , بينما فتحت كف يدي اليمنى ودلكت فمها وكانني اريد تمزيقة او دعكة وبقوة , ورغم صراخها الذي حبسته بكف يدي , حاولت ان تبعد يدي من فمها ولكن دون جدوى , وفي التفاتة سريعة الى امها لاستطلع الموقف منها , وجدت الام هادئة تنظر الي وكانها تريد ان يحدث لك لابنتها فعلا , وتلافيآ للموقف الذي لااعرف كيف انهيه , صرخت بوجه سوزان ,
- هل تصرخين بعد اليوم بوجه امك ؟ اجيبي ...؟  ( وانا اضغط بقوة )
- ستعتذرين لها ؟ هل تعتذرين ام لا ؟ والله سامزق فمك ... كي لاترفعين صوتك بعد اليوم على احد ... ( وكررت عليها طلبي ) اجيبي هل تعتذرين لامك ؟ .. ام لا ؟
بعد ان احست سوزان بقساوتي معها واصراري على اعتذارها لامها , هزت لي راسها بالموافقة مع الالم الظاهر على وجهها وكنت قد اركعتها على ركبتيها بقوة على الارض
- ستقبلين يديها وامامي ...!!! أفهمتي ؟ فهزت راسها بالموافقة ,
 اطلقت يدي اليمنى من وجهها الذي بات وجهها محمرا وعليه اثار الدعك واضحة وسحبتها من شعرها بيدي اليسرى وهي تبكي واوقفتها قبالة امها وطلبت ان تقبل يديها الاثنين , ثم قلت لها موبخآ وبعصبية : والله والله والله ... اذا شكت لي مرة اخرى منك ( اقصد امها ) فسوف لن تلومي الا نفسك ....أفهمتي ؟ !!!
وكمهرب من الموقف ولعدم مضاعفته تركتهما وخرجت , وذهبت الى مسكني مباشرة ومن هناك اتصلت بارام وكلمته بشكل مقتضب لما دار بي , وعكفت يومين في بيتي دون ان اخرج                                                                                               بعد اليومين , جاءتني ميري ووجدتني باسوء حال , وكانت قد علمت من سوزان وامها ما حدث وعلمت من ارام خناقتي مع ذلك الرجل , طلبت مني ان استحم واحلق لحيتي ¸ريثما هي تعمل لي الشاي والقهوة , وقد اعلمتني ان سوزان تشعر انك تحبها وتغار عليها وهي سعيدة بما يدور و ان كنت قاسيآ معها كثيرآ ,
هناك امر اخر لابد لي ان اعرج عليه , ففي اول لقاءاتي مع ميري كنت اروم اقامة علاقة معها ليس على اساس الصداقة البريئة , وكنت كلما تربصت فرصة احاول ان اوصل لها ما اريد , ولكن شخصيتها القوية وثقتها العالية بنفسها وسيطرتها على دواخلها او حتى نزواتها كانت تضع بيني وبينها حدودا كونكريتية شاهقة ’ وحين ذهبت مع سوزان في بيت عائلتها الصيفي وحدث ما حدث وكنت قد حكيت الى ميري كل شئ , بات شعوري نحوها كصديقة تربطني بها صداقة بريئة , فقد ذهبت كل مخيلاتي وتصوراتي عنها, ولكن الذي حدث وهو امر غريب حيث باتت ميري شديدة الحرص لكي تعرف كل شئ عني واحيانا تحاول محاسبتي او تلزمني ان احكي لها ما يدور في يومي وخصوصا مع سوزان , ورغم انها كانت تحرضني على الاقتراب منها اكثر الا انها كانت واثقة كل الثقة وهي تعرف جيدآ انني لايمكن مهما اقتربت منها سوف لن اتزوجها يوما , بسبب بيئتي التي تربيت فيها والعادات العالقة بذهني .
دخلت بيت سوزان في نفس اليوم وكأن شيئآ لم يحدث وقد توثقت العلاقة مع سوزان بعد هذه الحادثة التي لم نتطرق اليها اطلاقآ , وباتت سوزان تلتزم ببعض الامور , ولكنها احيانا كانت تنفلت من بعض الالتزامات , ومرة سمعت ميري تقول لي , علي ان اوثق علاقتي بها اكثر فاكثر , واحاول ان اجعلها تتعلق بي حتى استطيع انقاذها مما هي فيه , ولكني كنت على خلاف بالراي معها , لسببين الاول لاني لايمكن على الاطلاق الاقتران بها مهما كان الثمن وهذا ما رويته , وثانيا لاني اروم السفر الى البلاد التي طالما حلمت بالسفر اليها والاقامة واكمال دراستي والعمل فيها  فكيف لي ان اورطها في قبول الامر ومن ثم الافلات منها ..؟ .
كانت امها وبعد الحادثة التي مر عليها قرابة الشهر , متخوفة من ارتباطي بابتها او ارتباط ابنتها معي , وقد اوضحت لي استحالة الجمع بيننا , وعللت ذلك لاسباب اجتماعية ,  وقد ضحكت في دواخلي لان السبب يتعدى ذلك وبررت لها صعوبة تطبيق ذلك الذي قد اراحها كثيرا ,
فهي في الوقت الذي كانت تتمنى ان اكون فوق راس ابنتها لان يدي الوحيدة التي تمتد عليها , وفي نفس الوقت فانها تروم لابنتها احد افراد العائلات من بلدها من ذوي المكانة الاجتماعية وذومركز سياسي ومالي في بلدها ,  وان يكون مناسبآ لطبقتها وعائلتها وعائلة الاب , وما تبقى لامجال لمناقشته ,ولعل واحدة من محاولات ابعادي من ابنتها روت لي قصة ابنتها حينما حملت لاول مرة وهي لم تتجاوز السادسة عشر وكيف انها اجهضتها , وارادت ان تفقد حياتها في حينها , وان ابنتها قد تعودت السفر كل عام الى اوربا وبلدان اخرى ولوحدها ,                                                                                               عقبت وبقرارة نفسي ...وها انا واحدا من اهل البيت ودون مسوغ قانوني....!! لا بل من المقيمين في جناحها الواسع الذي يعادل بيتا لعائلة متوسطة الدخل .......!!! كانت الام تستعرض كل ذلك بغية ابعادي عن ابنتها للتفكير بها كزوج ...لانها تعرف تمسكي بالعادات والتقليد الشرقية بحرفيتها .......!!!! كان تبريري لها والذي اراحها كثيرا , هو انني هاجرت من بلدي لكي اكمل دراستي وها انا في اول مراحلي وامامي الكثير وعلى اقل تقدير هناك ستة او سبع سنوات اخرى أو اكثر لكي اتخرج اذا سارت الامور على مايرام , لذلك لااعتقد ان سوزان لديها الاستعداد للانتظار كل هذا الوقت , وهناك العديد من الشباب والعوائل يتمنوها اليوم قبل الغد .........
اعلمتني ام سوزان انها قد اخبرت احد المسؤولين بسفارة البلد الذي اروم الانتقال اليه وهو بدرجة سفير في تلك السفارة , ووقد اخبرته ان المعجنات التي تناولها في اعياد الميلاد بانواعها من اختصاصي وانا اروم السفر الى بلاده منذ اكثر من عام ولم احصل على تاشيرة العمل المطلوبة , واخذت تطري وتمتدح له عن اخلاقي وشخصيتي , وحثته على ابداء المساعدة حينما تحين الفرصة , وقد دعم زوجها الموقف ايضآ ...........
كانت الام المسكينة , حائرة بين ما تتمناه من ان اكون سيف مسلط على ابنتها , وبين خوفها من زواجي او اصرار ابنتها للزواج مني وهذا ما تعترض عليه جملة وتفصيلا ...
اخذت جيوش ثلاثين دولة تتجمع في دول مجاورة لبلدي , وكنت اسعى الى اخوتي وازواج اخواتي وابنائهم للالتحاق بي ولو بشكل موقت , الاانهم كانوا مترددين حتى يتضح الموقف كما هم يرونه ,
جاء نهاية العام الميلادي , وانشغلنا انا وارام في خلية عمل ليل نهار وامضيت حفلة عيد الميلاد مع ارام وميري وسوزان التي قد تغيرت كثيرا في سلوكها , وباتت ملفتآ للنظر حيث ان سوزان اصبحت حينما تسمع باسمي فانها ترتعب وترتعد وتتسمر كانها خشبة , وباتت توصي كل اصحابها وصاحباتها ان لايوصلوا لي اي شئ تقوم هي به في غيابي واحيانا كثيرة كانت تحضر الى حفلات او لقاءات وهي تستاذنني اولا ثم تذهب , اما اذا ذهبت الى مسبح شتوي مختلط وهي ترتدي قطعتين من لباس السباحة وهو من النوع الخيطي كما اسميته انا والذي لايستر الا على قدر عورتها فقط , فقد كانت تطلب ممن معها ان لا يوصلوا لي انها ارتدت هذا النوع من ملابس السباحة , وكانت اذا خرجت معي فانها تلتصق بجسدي او تمسك بذراعي ولا تتحرك الا في اشغالا معينه لقضاء حاجة ما , وتعود كطفل يلتصق بامه ,                                                                                             لاحظ الجميع هذه التصرفات الغريبة والجديدة عليها ’ ولكنها وفي اكثر من مرة ودون حضوري قد تناولت المشروبات الروحية فصعدت الخمرة الى موطن الاسرار عندها , واذا بها تتهجم علي في غيابي وتخاطب الجميع , وتعلمهم انهم واهمون ان كانوا يضنون انها خائفة مني , وستريهم غدا ماذا ستفعل ....!!! وما ان تنتهي السهرة وتفيق بعد الظهر الا وتقوم بالاتصال مع من كان معها وتترجاهم ان لايذكروا لي شئ عما حدث بالامس ....وهكذا..... وكنت اعلم بكل ما يدور من اصدقاؤها وصديقاتها وهم يوصلون ذلك نكاية بها ولكن وحتى اعداد هذه السطور لم اروي لها شيء مما سمعته .... بل كنت اوهمها بانني اخمن , انها فعلت كذا وكذا ... فتنهار امامي وهي اشبه بالمتوسلة او طالبة الرحمة ... وتختمها احيانا بالتوبة وعدم التكرار وتسالني عما اذا كنت قد سامحتها ام لا ؟  
بعد منتصف الشهر الاول من العام الجديد , بدأت معركة استعادة ذلك البلد الصغير من حكومة بلدي , وخسرت بلدي المعركة غير المتكافئة بالعدة والعدد , وبدأت عملية الحصار الذي فرض على بلدي تظهر اثاره وقد صاحبه قيام الوسط والجنوب والشمال بانتفاضة ضد نظام الحكم , وسقطت سبعة عشر محافظة من اصل ثمان عشر محافظة , ولكن النظام قد عاد الى الحكم بدعم القوة الغازية ذاتها , وهذا هو حال السياسية ودهاليزها
بعد اقل من اسبوع اصبح عدد المهاجرين والهاربين والفارين من بلدي يفوق مهاجري اي دولة في العالم , وقد غصت العاصمة في البلد المقيم فيه انا بتلك الاعداد ومعظمهم من المتواجدين غير القانونيين , وبدأت الدول الاوربية والامريكية بقبول هجرتهم على اساس ( لجوء انساني ) ,
اعلمتني ام سوزان ان صديق العائلة الذي يعمل في السفارة الاجنبية التي اروم الهجرة اليها وهو بدرجة سفير , قد اتصل بها واخبرها بامكان مساعدتي للهجرة على اساس ذلك اللجوء , وبعد اطلاعي على الشروط وجمع بعض المعلومات عن نوع هذا اللجوء , اعلمتهم بعدم رغبتي بالسفر بهذه الطريقة لاني اراها مذلة ومعيبة , اذ ليس لدي ما يبرر فعل ذلك,وبعد ايام اخبرتني ان ذلك الرجل بتلك السفارة يروم اللقاء بي,
حددت الموعد وذهبت اليه , وطلب مني اول الامر ان اقبل بالهجرة لدوافع انسانية وان الفرصة ربما هي الان متاحة اكثر من اي وقت اخر , الا ان اصراري على الرفض كان اقوى , وحينما قدمت له التبريرات احسست انه قد اقتنع بها كثيرآ , وقد وعدني بالمساعدة بعد سفره مع عائلته لقضاء خمس واربعون يوما في بلاده
كنت وخلال كل تلك الفترة كرقاص الساعة اعمل ليل نهار , وكنت اوفق بين كل اعمالي بشكل جيد , فقد كنت اعمل بمدرستين كمحاضر لتدريس مادة التربية الفنية , وفي الليل اكتب دراسة او مقال للمجلة الفنية الاسبوعية التي اعمل بها , واحيانا اقرأ كتبي والمصادر التي في حوزتي للتحضير الى الماجستير , واغلب اوقاتي كنت اعمل مع ارام في اعداد المعجنات مقابل اجر جيد , واهم من هذا وذاك التنافس الخفي بين ميري وسوزان , فكل لقاء مع احداهن لابد ان يكون لقاء لي مع الاخرى , وشتان بين الشخصيتين في خضم تلك الاجواء السياسية القائمة , والاشاعات التي نسمعها من هنا وهناك , اصبحت وبشكل دائم مصاحبآ  لجهاز المذياع الذي امتلكه حيث اتمشى على البحر رغم برودة الجو احيانا , وانا اقلب المحطات من هنا وهناك واسمع التقارير , وكنت استكمل متابعة الاخبار عبر الفضائيات في الليل ,
وفي ذات مرة , وفي يوم دافئ بعض الشئ , وكنت كعادتي اضع سماعة الاذن واقلب موجات المذياع ,واذا بثلاثة اشخاص يعترضوني واصبحت امامهم وجها لوجه وقد وجه لي احدهم سؤالا:

- حضرتك فلان الفلاني ....
- نعم هو ...انا
- ممكن تتفضل معنا .... ( واشاروا الى سيارتهم )
نظرت في وجوههم , فعرفت اوسطهم الذي لم يكلمني بعد , وحاولت استذكار المتكلم  معي , فانني اذكر ان هذا الوجه اعرفه ....!! ولكن من هو ؟ ... استدركت معهم الموقف وقلت لهم :
- هل انتم من رجالات الامن في البلد ..............
- لا... لدينا كم سؤال واستفسار معك .... لااكثر
(قال لي اوسطهم الذي عرفته منذ ان رايته)
- اذا كانت العملية لاتعدو اكثر من ذلك لماذا لانجلس في هذه الكازينو ونتحدث ؟ ....     (كان هذا ردي عليهم )
قال الرجل الاول الذي احاول استذكاره ,
- وليكن ما تريد .... تفضل ......
ما سار خطوة والثانية حتى عرفته من مشيته التي فيها بعض العرج القليل .!!! .... جلسنا في الكازينو المطلة على البحر مباشرة , واغلقت المذياع بهدف الاصغاء لهم , وكان طلبي من نادل الكازينو (( اركيلة )) وقد اعلمتهم انني لااشربها , ولكن الظروف التي امر بها هنا وفي بلدي هي التي ساقتني لهذا الطلب .....
سألني الرجل الذي كان يتوسطهم , حيث جلس قبالتي تماما ,
- في بلدك مفهوم ما يدور !! ... ولكن هنا ما فيك ؟
تأففت بقوة وقلت : لقد كانت عندي في بلدنا اخت تكبرني بثلاث اعوام , كانت هي كل حياتي , اخت وام وحبيبة وصديقة , وكان الله قد احبني ثانية ومنحني هنا اختا مشابهة لها في كياستها وعقلها ونبلها وكرمها , وكنت الجأ اليها في كل صغيرة وكبيرة,  
(واصلت حديثي ... وكنت ارقب تصرفات الاول الذي كان ينظر الى الاثنين وكأنه يستفسرمن هم شئ ما ) وقلت :
- ميري ... هذا هو اسمها ... رب اختآ لم تلدها لك امك .... لم تنقطع اسبوعا واحدا عني منذ ان تعاهدنا كاصدقاء واخوه طالما هي في كنف زوج ولم تنفصل عنه بعد , واقسمنا بصدق وبدواخلنا في رسالة نبينا محمد وعيسى عليهما السلام , ان نكون كذلك  ....           ( سكت برهة وانا اراقب الوجوه المتعطشه لسماع ما لدي ) وعاودت الحديث :
- كنت اعطيها دروس خصوصية في الرسم , وكنا نذهب الى المجلة اسبوعيا ,  .... وكنا نلتقي مع ارام وزوجته وسوزان احيانا في المطعم واحيانآ على هذا الشاطئ وتقريبا كل اسبوع مرتين او ثلاثة ....
 لااعرف ما حدث لها ...... انا قلق عليها , .... هاتفها وهاتف والدتها مغلقان .... أخشى .... و(سكت... ثم عاودت المواصلة )... لااعتقد ذلك ...!!!!
رد علي الرجل الاول بعد كان ملتفا الى الرجل الذي يجلس قبالتي : لاتعتقد ماذا ؟ ... فقلت : ان لها ظروف لم تخبرني بها ولكني ومصادفة حصلت عليها من الاهل والمقربين ...انها متزوجه ولها خلاف مع ذلك الزوج الذي يعيش في اوربا .... كم امنيتي ان اراه...  
فقاطني الذي يجلس قبالتي : ولماذا تريد ان تراه ؟ فقلت ودون تردد : لابصق في وجهه ..!!!
اصاب الذهول والدهشة الحاضرين وسألني الاول : ولماذا ؟؟؟
فقلت له : في مثل هذا الزمن الرديء ... والاحوال السيئة .... والشرف الذي هو مثل عود الثقاب ... ويمنحه الله زوجه ... متعلمه ومثقفة وعفيفة ونبيلة وكيسه وجملية ...وربة بيت جيدة .... فماذا يريد من الله بعد ذلك ...؟؟؟    
 ثم واصلت الحديث وانا انفث دخان الاريكيلة بقوة :
- ميري امرأة ... كتب لها ان تكون ومنذ ثلاث سنوات على خلاف مع زوجها ... وهي الان لديها مطلق الحرية ... وتمتلك المال ... وتعيش مع امها فقط فوالدها دائما على سفر ... وهي جملية وغنية فوق كل هذا ... ومع ذلك فهي تحافظ على عفتها وشرفها كما تحافظ البكر على بكارتها ... برغم انها قادرة على فعل اي شئ او كل شئ .... دون ان يردعها احد.....وهي تعيش في هذا الوسط بالذات (اشرت بيدي على كل الحضور في الكازينو )... ثم واصلت الحديث :  لولا ..لولا ذاتها وسمو اخلاقها وتربيتها وتعقلها التي شكلت هذه السمات الرادعة لسلوكها ..
- (( بعدها وجهت كلامي الى الذي قبالتي )) اسالك بالله ...هل مثل هذه المرأة تستحق مثل هكذا زوج؟   الايستحق مثل هذا الزوج ان .................( ثم سكت  )
لقد كانت كلماتي تنزل والكل يتلاقفها بنهم ولكن الفارق بينهم , كان بعضهم تبدو عليه الرضا في نقل صورة كهذه والبعض الاخر يريد ان يعرف اكثر من هذا وذاك , ولكني استدركت وقلت لهم :
- لقد شغلتكم بموضوع خاص بي ... انا اسف جدآ ... انتم تريدون ان توجهوا لي بعض الاسئلة ... وانا ذهبت بعيدآ عن موضوعكم ... ارجوا ان تسامحوني ... هه..ماذا كنتم تريدون ان تسالوني ؟
اعتذر الاول بلباقة وادب جم , وقال لاشئ على الاطلاق ... ربما سنلتقي بك لاحقا ... انت الان في ظرف لايسمح لك بذلك ....... (( ونهض واومأ  للاخرين بالنهوض معه )) وصافحني وبحرارة ... وبقوة ... وخرجوا
مرت يومين من تلك الحادثة , واذ بميري تتصل بي وتطلب حضوري الى البيت عصرآ , واعلمتني ان لديها ضيوف , وكانت مثل هذه الحالة قد تكررت عشرات المرات معي , حيث كانت قد عرفتني مع الكثير من المجتمع المخملي والسياسي ورجال المال والاعمال , وهي بحق صاحبة فضل علي بذلك , وكنت اشعر انها كانت تفتخر بوجودي معها اذ لم اسيئ يومآ لها او لمعارفها ,
في الموعد المحدد حضرت وكنت كعادتي فقد كنت اظهر في اناقة وهندام تام ,
دخلت بيت ميري الذي كان يغط بالحضور , وقد رايتها من بعيد , فتقدمت لي وعلى عجل وصافحتني ثم قبلتني وامام الجميع من وجنتي , وقالت لي :
- تعال معي ساعرفك باناس .... ربما تعرفهم ...!!!
تقدمت بضع خطوات واذا بالرجل الاول الذي في ساقه عوق والرجل الذي جلس قبالتي من ضمن الحضور , فقالت لي ميري :
- أتعرفهم ...؟
هززت راسي بالايجاب وقلت لها :
- التقيتهم قبل يومين  , ولكن لم اخبرك بذلك ............
فقدم لي الاول نفسه انه شقيق ميري !!! .... وقدم الثاني لي نفسه انه زوج ميري .... !!!
وبرغم اظهاري الدهشة المصطنعة , الا ان الامرلم يكن غريبآ علي....!!
لاني ومنذ اللحظة الاولى كنت قدعرفت زوج ميري , اذ تذكرت صور ميري حينما كانت تعرضها علي احيانا , اما شقيقها فمع اني قد شاهدت صوره الا انني لم اركز عليه , ولكن العلامة الفارقة لديه , هو ذلك العوق الذي ولد معه منذ الولادة كما حكت لي مرة ميري عن حياة اسرتها ,
لذلك لقد كان حديثي متعمدا معهم في الكازينو ... ولم يكن ثرثارآ , بل كنت اعني ما اقوله واقول ما أعنيه  , في الوقت الذي تظاهرت فيه بعدم معرفتي لهم , ولم اخبرهم حينها بتلك المعرفة المسبقة , فتحدثت كما اوردته اعلاه , وللحقيقة والواقع كان هذا شعوري بحق ميري , وكان هذا حقها الطبيعي , وصورة صادقة عنها لا كذبا ولا زورآ ,
ربطتني ومنذ تلك اللحظة علاقة صداقة قوية ومتينه مع شقيق ميري وزوجها وشقيق الزوج الذي كان معهم في الكازينو الذي اصبح صديقا شخصيا لي , وعلمت ان زوج ميري كم كان سعيدا وهو يسمع كلامي حول زوجته ولو كان بيده في ذلك الوقت لقال لي ( هيا ابصق بوجهي ... انا استحق ذلك ) ... اما شقيق ميري فحين عاد الى البيت فقد حضن ميري واخذ يقبلها عشرات القبل وهو يقول لوالده ووالدته ان ميري مفخرة لنا  للعائلة جميعآ ... وانها درة لاتثمن بثمن .... وقد وصل به الامر ان لايعيد اخته الى زوجها لانه لا يستحقها , . ارادت ميري ان تقدم الشكر لي , فرفضت الشكر منها لاني لم اضيف شيئا لما هي فيه , ومنذ تلك اللحظة اخذت ميري كلما تلقاني تقبلني امام الجميع حتى وان كان زوجها موجودا او احد افراد اسرتها , وهي عادة اجتماعية مقبولة في وسطهم مع المقربين بغض النظر عن درجة القربى , وليس كما هو الحال في بلدي ................. ! .
زجني شقيق زوج ميري في اشغال صغيرة ومتعددة وعلمني الكثير من الوساطات التجارية , وقد استمثرت ما لدي من المبالغ التي ارسلت لي من بلدي في مثل هذه الاعمال الصغيرة وكانت تدر لي ارباحا جيدة , في الوقت الذي وعدني بالحصول على تاشيرة عمل لي في البلاد التي اروم الانتقال اليها عبر المحيطات , رغم الحاحه علي بالتخلي عن تلك الفكرة , وكم سمعت من هذا القول ومثل هذه الوعود التي لم المس منها اي مصداقية , وكالعادة كنت اصور كل اوراقي لهم , كلما طلبوها مني  , وبعد بضعة اشهر جاءني ( فريد ... وهذا هو اسمه )  وطلب مني عنوان اهلي في بلدي وملأ استمارة من ستة عشر صفحة , وبعدها بشهرين طلب مني ان احصل له على كتاب تاييد من المطعم الذي يعمل به ارام واقوم بترجمته وارفق معه نسخة من ترخيص المطعم مع شهادتي العلمية , وكانت هذه الامور قد قمت بها عدة مرات ومنها واحدة الى الموظف الكبير بدرجة سفير في سفارة ذلك البلد .
مرت اكثر من شهرين من اعطاء اوراقي الى فريد ’ وقد تعودت على الانتظار او عودت نفسي على ذلك ..
وذات يوم وكان تحديدآ يوم سبت , اتصلت معي ام سوزان , وطلبت مني البشارة , واعلمتني ان صديقهم الموظف في السفارة قد اتصل بهم واخبرهم بان الموافقات المبدئية قد حصلت , وعلي مراجعة السفارة , ومن شدة فرحي ورغم اني قد استلمت مفهوم الرسالة , الا أنني توجهت على الفور الى منزل سوزان ,
 وجدت الاب والام وبعد قليل حضرت سوزان التي كانت في احدى الفنادق هي وصديقاتها في مسبح الفندق منذ الصباح , واخذت اكيل الشكر والتقدير لموقف الام والاب ومتابعتهم المستمرة , وللحقيقة كانت سوزان وعلى مدى الاشهر السبعة التي مضت لاتدخر جهدا الا وتطرح موضوع التاشيرة العائدة لي , وكانت احيانا تقول لمن تكلمه انها على استعداد لدفع اي مبلغ مقابل الحصول عليها , كان تتابعها باهتمام بالغ وكأنه موضوع شخصي يعود لها , ومرة قالت لي ميري وبمزاح وان كانت لاتخلوا من الايماءة والقصد
- ان سوزان تتابع الموضوع باهتمام ... لانها تريد ان تتخلص منك باي ثمن ,
ولكن الحقيقة هي ليست كذلك ...!!!
فرحت سوزان للخبر كثيرا , ودون اي حرج من والديها , وقالت :
- اذن علينا ان نقضي اليوم وغدا الاحد في الجبل( وتقصد البيت الصيفي ) ... لقد اصبحت ايامك معدودة معي !!!
لاانكر انني اخذت اتصبب عرقا وخجلا من طلبها امام امها وابيها , لان الامور لاتقبل التبرير فماذا يعني وجودي واياها في بيت واحد ولمدة يومين , اجل هم يعلمون بذلك ولكن ليس بهذه العلنية ,
حاولت تدارك الموقف , والخجل  لازال يعتريني , وقلت لها بعد ان غمزت لها مرتين بعيني :
- هي فكرة رائعة ... وعلينا ان ناخذ معنا ارام وزوجته ونتصل بميري ان كانت لديها متسع من الوقت وحبذا لوشاركنا فريد .....
فهمت سوزان غمزاتي اليها وقالت :
- نذهب اولا ونتصل بهم من هناك ... انتظرني اجمع ملابسي ....
صعدت سوزان الى جناحها او كما تسميه (سويتي ) , بينما انا اخذت اكرر تقديم الشكر والتقدير لجهود الاب والام , مع وعدي لهم بان ارد لهم جزء من هذه الخدمة ان وفقني الله , وقالت الام :
- رغم اني فرحة .. وجدا فرحة لك ...  ولكن الحقيقة ان ايضا حزينة ... لربما قد تعود سوزان لسابق عهدها ... انت الشخص الوحيد الذي استطعت ان تروضها وتحد من تصرفاتها ... وهي تخاف منك ... خوف حقيقي ...
فقلت لها :
- مارايك ان ازوجها لاحد .... وبعدها ساسافر ... لدي عريس لايعوض لها ... المهم انتم ترضون عليه ...
وقبل ان تسألني من هو هذا العريس ... كانت سوزان قد وصلت , فقالت لها امها , انني اريد تزويجها اولا قبل السفر  ....ما رأيك ؟؟؟
فقالت لي سوزان : - هل اخبرتهم ؟  
فقلت لها : كلا ... ليس اوانه الان ...
واعلنت رضاها من الموقف وفهم الوالدين ان هناك طبخة تعد لهذا الغرض .....
وكانت سوزان قد التقت بشاب من ابناء بلدها وهو يصغرها بخمس اعوام فوقع في حبها , وذات يوم ارادت ان تلهو معه وبمشاركة اثنين من صديقاتها ,